رحل الإذاعي المصري، أحمد سعيد، أمس الإثنين، عن عمر يناهز 93 عاما، مخلفا وراءه رصيدا إعلاميا ثريا ساهم من خلاله في دعم ومساندة قضايا القومية العربية ونشر الافكار الثورية ومناهضة الاستعمار عبر إذاعة "صوت العرب" التي كانت تبث لجميع أقطار العالم العربي.
وطيلة مسيرته الاعلامية التي شهدت العديد من الاحداث في العالم العربي وصف الراحل أحمد سعيد بأنه "صوت المناضلين العرب وحصن العروبة والاعلامي المدافع عن قضايا التحرر في العالم العربي" الذي لم ينقطع أبدا عطاؤه، وقدم خلال مشواره إعلاما مهنيا هادفا، وله إسهامات كبيرة في تطوير وتجويد العمل الإذاعي، فكان نموذجا يحتذى به في المهنية.
ولد الإذاعي الراحل عام 1925، وعقب تخرجه من كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1946، عين مذيعا رئيسيا في إذاعة القاهرة، ثم مديرا لإذاعة "صوت العرب" عند تأسيسها عام 1953، وحتى عام 1967، كما عمل محررا صحفيا في عدد من المجلات القاهرية.
وقد صدح صوته في العالم العربي، بفضل تأسيسه لإذاعة "صوت العرب" منذ عام 1953، والتي قدم فيها الكثير من الدعم الاعلامي للمناضلين العرب ودعاة القومية العربية ومحاربة من يسمى بالرجعية فكان صوت مجاهدي الجزائر والمغرب وتونس، كما كان يذيع رسائل مشفرة لجبهة التحرير الجزائرية وكذا المقاومة الفلسطينية، ولكل جبهات التحرر في جنوب افريقيا وكان كذلك القوة الاعلامية في ثورة اليمن.
أحمد سعيد صوت الثورة الجزائرية من مصر ومذيع بيان اول نوفمبر
وعبر "صـوت العـرب" ذاع صوت الثورة التحريرية للعالم انطلاقا من القـاهرة، مما ساعدت على تعبئة الشعوب ضد الاستعمار الفرنسي، حيث ساهم الفقيد أحمد سعيد، في نقل صوت الثورة الجزائرية الى داخل الجزائر وخارجها. وقال الفقيد في وقت مضى أن أروع حدثين مرتبطين بتاريخ الثورة الجزائرية عاشهما خلال حياته المهنية هما "إذاعته بصوته لبيان الثورة الجزائرية في الفاتح نوفمبر 1954 والثاني حضوره شحن أول دفعة أسلحة للثورة الجزائرية في صيف نفس العام"، مضيفا أن إذاعة "صوت العرب" قطعت إرسالها تلك الليلة وشرعت في بث الأناشيد الوطنية الجزائرية وإعادة بث البيان ونقل أخبار العمليات الفدائية في الجزائر على مدى 24 ساعة متتالية.
وتطرق الصحفي الراحل، في تصريحات اخرى، الى العلاقات التاريخية بين الثورتين المصرية والجزائريةن، مبرزا عدة محطات في مسار هذه العلاقات بدءا من العدوان الثلاثي على مصر في 1956، كما ابرز وقوف الجزائر في حرب 1967 إلى جانب مصر حين أرسلت قواتها الجوية ووحدات من الدفاع الأرضي للدفاع عن مصر ضد العدوان الإسرائيلي الذي تعرضت له، وكذا في حرب 1973 عندما دفعت الجزائر مسبقا للسوفيات مقابل مد مصر بما تحتاجه من أسلحة لتعويض السلاح الذي خسرته في الحرب.
وكانت الاذاعة تبث أناشيد وخطب حماسيه لزياده حماس الثوار في الجزائر وتشجيعهم على مواصلة درب الكفاح حتى النصر او الشهادة، وهو ما جعل الاعلام الفرنسي يشن هجوما قويا على الاذاعة وطالبت بعض الصحف الفرنسية التي كانت تصدر في الجزائر وقتها بالقبض على من يستمع لصوت العرب.
أحمد سعيد مذيع النكسة يرحل في ذكراها ال 51
وتزامن وفاة الاعلامي المخضرم مع ذكرى الذكرى 51 للنكسة في يونيو 1967 ولا يزال المصريون يذكرون صوت سعيد في مثل هذا اليوم منذ أكثر من نصف قرن، وهو يتلو بفخر عبر الإذاعة بيانات تحدثت فيها عن تقدم الجيوش العربية وإسقاط عشرات الطائرات وتدمير مئات المعدات الإسرائيلية، بينما كانت الإذاعات العالمية تتحدث عن هزيمة مدوية للقوات المصرية والسورية، وسقوط سيناء بيد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقد صرح سعيد قبيل وفاته بأنه نقل البيانات، التي كانت تأتي إليه من مصادر رسمية وكان ملتزما بإذاعتها دون تغيير.
أمـا عن قضـيـة العرب الأولى وهي القـضية الفلسطينية، فـقـد اهتمت بـها إذاعـة صوت العـرب اهتماما كبيرا و خـصـصت لها البرامـج العديدة عـلى أثيرها ليلا نهارا حتى انطلقت إذاعـة فلسطين من القـاهرة في 29 أكـتـوبر 1960 .
والذي عرف لخدمته للعديد من قضايا التحرر في العالم على رأسها القضية الجزائرية .