أكد رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, مساء الخميس, أنه اتفق مع رئيس الجمهورية الفرنسية, السيد إيمانويل ماكرون, الذي يقوم بزيارة رسمية إلى الجزائر, على تكريس توجه جديد لتعزيز العلاقات مبني على إقامة شراكة استثنائية شاملة في ظل الاحترام والثقة المتبادلين وتوازن المصالح بين الدولتين.
وفي تصريح صحفي مشترك عقب المحادثات التي أجراها مع نظيره الفرنسي, قال الرئيس تبون: "تطرقت مع الرئيس ماكرون إلى جل مواضيع التعاون الثنائي وسبل تعزيزه بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين ويضمن إعطاء دفعة نوعية لعلاقاتنا في كل المجالات, تكريسا للتوجه الجديد الذي اتفقنا على ترسيخه والمبني على إقامة شراكة استثنائية شاملة في ظل مبادئ الاحترام والثقة المتبادلين وتوازن المصالح بين الدولتين".
وأعرب رئيس الجمهورية عن أمله في أن تفتح زيارة الرئيس الفرنسي "آفاقا جديدة لعلاقات الشراكة والتعاون بين البلدين".
وأشار إلى أن المحادثات "البناءة" التي أجراها مع السيد ماكرون, والتي تمت "بالصراحة المعهودة" تنم عن مدى "خصوصية العلاقات بين البلدين وعمقها وتشعبها, كونها تشمل جميع المجالات, انطلاقا من الذاكرة, مرورا بالتعاون التقني والاقتصادي ووصولا إلى الحوار والتنسيق إزاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
وعلى الصعيد الثنائي, أوضح رئيس الجمهورية أنه تم تقييم ما تحقق من "إعلان الجزائر للصداقة والتعاون" الذي وقعه البلدان سنة 2012, مشيرا الى أن الطرفين "وقفا على سبل تجاوز مختلف العقبات التي تواجه تجسيد تطلعات الشعبين والبلدين في إرساء علاقات استراتيجية تكون في مستوى الإمكانات الهائلة للبلدين وتضمن الاستجابة للطموحات الكبيرة والمشروعة للشعبين".
واضاف الرئيس تبون أن اللقاء كان فرصة للجانبين لتأكيد عزمهما على "الدفع نحو تكثيف الجهود من أجل الارتقاء بعلاقاتنا وفق خطوات عملية مدروسة وبرنامج زمني محدد لتفعيل آليات التعاون وتعزيز الديناميكية الإيجابية فأفق الاستحقاقات الثنائية المقبلة, لا سيما اللجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى واللجنة المشتركة الاقتصادية والحوار الاستراتيجي مع تكثيف وتيرة تبادل الزيارات على كل المستويات بين مسؤولي البلدين".
وشدد على أنه من خلال هذا البرنامج, فإن البلدين يطمحان إلى "تكثيف التعاون العلمي والتكنولوجي والثقافي وتعزيز مستوى التبادل التجاري بينهما في ضوء الإصلاحات الوطنية الكبيرة والرامية إلى تحسين مناخ الأعمال".
وأكد رئيس الجمهورية أن اللقاء كان فرصة أيضا لمناقشة الأوضاع الراهنة الأمنية والسياسية ذات الاهتمام المشترك, على الصعيدين الإقليمي والدولي, حيث تم خلاله تبادل "وجهات النظر حول عديد القضايا الهامة بالنسبة للبلدين, خصوصا
الوضع في ليبيا ومالي ومنطقة الساحل والصحراء الغربية, التي تستدعي تضافر الجهود من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة".
كما تم الاتفاق --يستطرد الرئيس تبون-- على ضرورة "تكثيف التشاور فيما يخص واستقرار محيطنا المتوسطي, بل بالسلم والأمن الدوليين", مبرزا في هذا السياق أن "الواقع الدولي الراهن والصعوبات الناجمة عنه يتطلب من كلا البلدين العمل سويا على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف من أجل مواجهتها وفق تصور شامل ومنسجم يسمح بمعالجة فعالة لجذور الاضطرابات الحالية من خلال التمسك التام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة, باعتبارها ضمانة هامة لحفظ الأمن والاستقرار".
وخلص الرئيس تبون إلى "تثمين النتائج المشجعة لزيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر, والتي مكنت الطرفين من إجراء تقييم شامل لمستوى التعاون بين البلدين ورسم آفاق واعدة للرقي بالشراكة الاستثنائية التي تجمعهما".
الجزائر/فرنسا: تعزيز التعاون الثنائي في عدة مجالات
أبرز الرئيس الفرنسي، السيد إيمانويل ماكرون الذي يقوم بزيارة رسمية إلى الجزائر أهمية التعاون بين الجزائر وفرنسا في عديد الميادين، لاسيما في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية.
وفي تصريح صحفي مشترك عقب المحادثات التي أجراها مع رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، قال الرئيس ماكرون : "نريد احراز تقدم في مجالات الصناعة والبحث والمحروقات والمعادن النادرة وكذا حول مواضيع الابتكار التي نرغب بشأنها التقدم بسرعة وبشكل أقوى".
وألح الرئيس الفرنسي على قطاعين للتعاون بين البلدين وهما الرقمنة والابداع السينماتوغرافي، حيث يحوز "الكثير من مزدوجي الجنسية على مواهب" في هاته المجالات.
وأبرز الرئيس ماكرون، في الاطار ذاته، رغبة بلاده في تطوير مشروع حاضنة مؤسسات ناشئة مع الجزائر من خلال اللجوء إلى "مساهمة القطاع الخاص الذي له صلة مع حاضنات أخرى".
وأشار الرئيس الفرنسي إلى اهمية ان تشمل هذه الشراكة الجديدة مشاريع التعاون في المجالات الجامعية والعلمية.
وذكر في هذا السياق بمشروع تعاون مستقبلي بين معهد باستور الجزائر والمركز الفرنسي للبحث العلمي، وهو تعاون وصفه السيد ماكرون ب"الضروري لمواجهة تحديات الغد" سواء تعلق الأمر بالأمراض الوبائية أو بتحديات المناخ.
فبناء المستقبل، يضيف الرئيس ماكرون، "يمر بالنظر سويا إلى تحدياتنا والعمل بجهد من أجل تقديم الأجوبة الكفيلة بمساعدة الشباب في الجزائر وفرنسا على النجاح".
أما بخصوص ملف تنقل الأشخاص، فقد أكد الرئيس ماكرون أنه "تم اتخاذ قرارات" حول هذا الموضوع.
وأوضح يقول "سنعمل معا من أجل معالجة مواضيع أمنية أكثر حساسية لكن لا يمكنها ان تعرقل مسعى تطوير جسور التنقل بالنسبة للفنانين والرياضيين والمقاولين والجامعيين واعضاء الحركة الجمعوية والمسؤولين السياسيين، ما سيسمح بتجسيد المزيد من المشاريع المشتركة في منطقة المتوسط".
ولدى تطرقه إلى الذاكرة المشتركة بين البلدين، أوضح الرئيس ماكرون يقول: "أظن انه بإمكاني القول ان العمل الذي نقوم به في فرنسا منذ خمس سنوات وكذا الحوار الدائم القائم بيننا، يعزز لدي فكرة اننا نعيش فترة فريدة آمل انها ستمكننا من مواجهة هذا الماضي والعمل على جعله عنصرا مشتركا لا عائقا لتقدمنا".
وأضاف انه "مع نهاية هذه الزيارة سننتهي من كتابة ما تم الاتفاق عليه بدقة"، معلنا عن "تفويض" الطرفين للجنة مشتركة من المؤرخين ستسند لهم مهمة فتح الارشيف المتعلق بالاحتلال الفرنسي دون طابوهات وبحرية كاملة للاطلاع على الوثائق.
من جهة أخرى، هنأ الرئيس الفرنسي الجزائر لنجاح الألعاب المتوسطية التي نظمت مؤخرا بوهران، مشيرا ان "الرياضة التي تعد شغف مشترك، هي ايضا في صميم الشراكات"، مبرزا رغبة الطرف الفرنسي في "اطلاق تعاون جديد مع رياضيين شباب" ستكون له الفرصة للقائهم في وهران.
وفي حديثه عن السياق الجهوي والدولي، تأسف السيد ماكرون ل"عديد الأزمات" التي يعيشها العالم، مشيدا ب"التزام" الرئيس تبون لاحترام ومتابعة اتفاق السلام والمصالحة في مالي، قبل ان يجدد رغبته في "تعزيز التعاون" في مجال مكافحةالارهاب.
وقد استهل الرئيس الفرنسي تصريحه الصحفي بتقديم تعازيه للرئيس تبون اثر الحرائق التي عرفتها بعض ولايات شرق الوطن.